ولد جيليت عام 1855 ، ونشأ في شيكاغو ، و في
عام 1871 خسرت عائلته كل ما يملكونه بسبب حريق
كبير إندلع في شيكاغو لذا إنتقلت عائلة جيليت إلى نيويورك حيث تعلم هناك جيليت تجارة البضائع المعدنية والحديدية
والخردة
عندما أصبح عمر كينغ جيليت 21 عاماً كان قد أصبح بائعاً جيداَ ومتمرساً ، لكنه لم يكن مجرد بائع ، لأنه محب للابتكار كان يقوم بتلحيم المواد المعدنية ويطورها حتى حصل على براءات اختراع كثيرة لابتكارات بسيطة جداً في توصيل الأسلاك الكهربائية ، ولكنها لم تؤمن له أموالاً
في عام 1891 عمل كمندوب مبيعات في شركه ،كان
مدير الشركة و اسمه وليام بنتر شخص يحب الابتكار ، حيث هو أول من ابتكر و
طور سدادات الزجاجات من الفلين المغطية بالقصدير ، حيث استفاد منها مصنعو
المرطبات كثيرا و خاصة انها كانت تغلق الزجاجات بسهوله و احكام ، حيث
استفاد وليام بنتر من هذا الابتكار و خصوصا بأن معظم مصنعي الزجاجات
تعاقدوا معه و بعدها أصبح رجل غني جدا
استفاد جيليت من هذه الشركة
جدا ، فكان لدى
هذين المبدعين رغبة قوية للإبتكار والاختراع لذا توطدت العلاقة ما بين
كينغ جيليت ووليام بنتر حيث كانت أغلب محادثاتهما عن كيفية تطوير أشياء
مفيدة و جديدة ، وفي إحدى المرات قدم وليام بنتر نصيحة إلى كينج جيليت و هي
التي غيرت حياته ، عندما قال له كينغ ” أنت دائم التفكير والابتكار ،
ولكن لماذا لا تفكر باختراع شيء شبيه بسدة الفلين ، أي أن لا يستعملها
المرء ثانية ، لأنها ترمى بعد استعمالها ، و عندها سيعود إليك الزبائن
ثانية طالبين المزيد ، وتكون قد رفعت من نسبة أرباحك وبنيت أساساً رائعا
لمستقبل مشرق ”
أجاب كينغ مستفسراً ” لكن ما هو عدد الأشياء التي تتشابه
مع الفلين ، الدبابيس والإبر ” ؟ رد عليه بنتر : لا أدري ، ولا أعتقد بأنك ستخترع
شيئاً كسدة الفلين ، لكنك لن تخسر شيئاً إذا فكرت في هذا الاتجاه كثيراً . ويعترف
جيليت بعدها بأن كلام بنتر أصبح هاجسه الأساسي وكان يقضي الساعات الطويلة يبحث عن الأفكار
ثم يرفضها بعد دقائق من التفكير بها .
كان جيليت يكتب كل يوم لائحة بأشياء يمكن تطويرها ورميها بعد أول استعمال لكن الفكرة التي كان يبحث عنها لم تأت بسهولة وعندما أتت كانت كوميض البرق .
ولادة الفكرة
في صباح ذات يوم من
عام 1898 عندما كان جيليت البائع
المتجول والبالغ من العمر 40 عاماً يهم بالحلاقة ، وكانت أمراً مرهقا
لملايين الرجال ، بخاصة أنها تتم عن طريق موس طوله 3 أنشات ، وتشكل خطراً
على جلد
الوجه والذقن ، يقول جيليت عن هذه اللحظات ” كان عقلي كالقناص يحاول تحويل
كل ما يراه
إلى فرصة لتحقيق ما قاله لي بنتر ، وبينما كنت أحلق كنت أحس أن موس الحلاقة
بليدة
وبطيئة ، وكانت بحاجة إلى حلاق أو حداد ، وبينما كنت أقف والموس بيدي
وأنظر
بهدوء كما ينظر العصفور إلى بيته ، كانت شفرة جيليت الآمنة والسهلة
الاستعمال قد
ولدت .
يضيف جيلت قائلاً ” جاءتني الفكرة عندما لاحظت أن أحداً لم يفكر في تغيير جذري على شفرات الحلاقة ، فكل الاختراعات كانت تصب في خانة تحسين الموس وليس تغييرها كلياً ، لمعت في رأسي فكرة أنه يجب ابتكار شفرة حلاقة رخيصة الثمن وسهلة الاستعمال وتوفر على الناس الذهاب إلى الحداد والحلاق ، وهذا ما يوفر وقتهم بشكل كبير ويسمح لهم بتبديل الشفرات بشكل منتظم وسهل ” .
صعوبات تطبيق فكرة جيليت
الحاجة إلى شفرات سهلة الاستعمال جعلته يفكر في
وضع شفرة رقيقة جداً ، وغير مكلفة في أداة صغيرة لها و بشكل سهل . وعلى
الرغم من أن هذه الفكرة كانت رائعة ، إلا أن الأمر استغرق 6 سنوات قبل أن يفتتح
جيليت شركة من دون مكاتب ومن دون موظفين بدوام كامل ، وبمبلغ زهيد جداً من المال
أول تصميم لشفرة جيليت كان خيبة أمل و السبب وراء ذلك بأن كان الاعتقاد السائد بأن الشفرة الأمثل يجب أن تكون غالية الثمن ويجب أن تشحذ عند الحداد أو الحلاق ، ويجب عليها أن تدوم إلى الأبد عن طريق العناية الدائمة . وليس بهذه السهولة يتم تغيير نظرة الناس إلى هذا الأمر ، وكانت تساؤلات الناس مبنية على سؤال مهم : ” كيف ببائع متجول عمره 46 سنة ، واسمه كينغ كامب جيليت يدعي أن شفرات الحلاقة يجب أن تكون من ا لحديد الشفاف والزهيد الثمن ، وترمى بعد استعمالها لمرتين أو ثلاث .
كان رد فعل الحلاقين والحدادين سلبياً كثيراً
كيف استطاع جيليت النجاح
وبعد سنوات اعترف جيليت بأن
تجاهله لكل هؤلاء كان السبب في إثبات نجاح فكرته التي تصدى لها الجميع ويضيف : ” لو
كنت إنساناً متعلماً ومدرباً ، وعلى علم بكل الأمور التقنية ، لما كنت بدأت بهذه
الفكرة أبداً “
كانت الشركة غارقة بديون بآلاف
الدولارات ، وعن ذلك يقول جيليت: ” كنا في الزاوية الضيقة مع أصحاب الديون ،
وكانوا يقفون بالطابور جاهزين لأي شيء للمطالبة بديونهم . وجاءني شعور بأنني موضوع
الشفرة أكثر مما يستحق ولكنني لم أشعر باليأس ” .
التجأ كينغ جيليت إلى رجل أعمال اسمه جون جويس ، كان قد ذهب إليه في السابق ليدعم فكرة من أفكار جيليت الفاشلة ، وعلى الرغم من أن جويس كان يريد 20000 دولار من جيليت بسبب الفشل ، دخل عليه بكل ثقة طالباً منه مساعدته وإنقاذ فكرته ، وإعطاء شفرة من شفراته ، فلم يخف اعجابه بها وقدم له الدعم المطلوب ” .
على الرغم من الصعوبات و لكنه نجح
بدأت الشركة عملياتها ببيع شفراتها للحلاقة عام 1903 وكان
عمر جيليت حينها 48 سنة ، فشلت السنة الأولى فشلاً ذريعاً ، إذ باعت في
السنة الأولى 51 آلة حلاقة و168 شفرة ، على الرغم من هذه الكمية المحدودة كان جيليت متفائلا حيث هذا يعتبر خطوة مهمة للمستقبل
حققت مبيعات جيليت مع نهاية العام 1904نسبة هائلة فارتفعت
المبيعات إلى 9000 أداة حلاقة و 14.4 مليون شفرة واستمرت الشركة في بخطى
ثابتة ، ولعبت استناداً إلى خطط تسويقية مدروسة ، وتوسعت وافتتحت فرعاً لها في
لندن عام 1905
باعت شركة جيليت 3.5 ملايين أداة حلاقة مع شفراتها خلال الحرب العالمية الأولى للحكومة الأميركية وحدها ، كما تم توزيع آلاف الشفرات مجاناً ، وكانت هذه الاستراتيجية ممتازة ، حيث تدافع الناس لشراء شفرات جيليت بعد استعمالها
بدأت أفكار جيليت تؤتي ثمارها وأصبحت شفرات الحلاقة من أشهر السلع التي تباع ، وبدأت الشركة باستراتيجية رعاية البرامج الرياضية وكان ذلك في عام 1930 ، واستمرت الدعاية بنشر هذا المنتج زهيد الثمن كثير الفعالية
الحلم يستمر ما بعد جيليت
توفي كينغ جيليت عام 1932 ، لكن حلمه لم ينته وتابعت شركة
جيليت التوسع والانتشار عن طريق العديد من الأفكار المبتكرة و المتميزة ، تعتبر
شركة جيليت الآن من أكبر الشركات في العالم ، ولا تبيع الشفرات فقط ، إنما الكثير
من السلع المشهورة ومنها على سبيل المثال لا الحصر : بطاريات Duracell ، فرشاة الأسنان Oral B ، أقلام Parker ، الأدوات الكهربائية Braun ، وغيرها الكثير
تبيع جيليت منتجاتها في أكثر من 30دولة ، وتبلغ 60 في المئة من أرباحها من السوق الخارجية . كما أن نسبتها من سوق الولايات المتحدة 67 في المئة
و السؤال هو ماذا لو يئس كينغ جيليت عندما سخر منه الجميع ؟ أو
ماذا لو لم يسع إلى تمويل فكرته أي جهد حتى يبتكر شيئاً مفيداً يستعمله ملايين
البشر كل صباح ، واسمه محفور على كل أداة حلاقة حتى يومنا هذا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق